على الله حكايتنا
على الله حكايتنا
بحكم عملي في مجال الإعلام و الذي يمتد لخمس سنوات فقط (أي أنها ليست بالفترة الطويلة) فيمكنني أن أزعم أن انطباعك الصاخب سواء بالمديح المفرط أو بالشتيمة و لعن سلسفيل الصناع في حاجة إلى بعض التروي والتريث.. فالأمور ليست كما تبدو.
قد تتخيل.. قد تتوقع.. قد تسمع من ابن خالتك اللي نزل يوم كومبارس مع المجاميع في تصوير أحد المسلسلات مقابل ١٢٠ جنيه ووجبة.. ثم أخذ يحكي لك عن النجمة الشهيرة ذات التصرفات الخليعة و الأخرى اللي مطلعتش حلوة على الحقيقة و نجمك المفضل اللي "سب للمؤلف في اللوكيشن".. كل هذا كلام براق جذاب يلفت انتباه أي متلصص متصيد.. لكنك لن تلمس الواقع الفعلي إلا إذا كنت جزءًا منه.
تلك هي الأفكار التي كانت تدور ببالي أثناء مكالمة هاتفية مع أحد الأصدقاء سألني فيها "شوفت الإعلان الفلاني؟" دة رهيب.. ازاي بجد الإخراج حلو كدة!!.. دة اتصور one shot.. مش كدة؟ ثم أطال في إبداء إعجابه بتفاصيل تقنية بنبرة شخصية نفادي في مسلسل الكبير و كأنه يقول "أنا فاهم مصطلحات الكار بتاعكوا"
ما لا يعلمه صديقي أن هذا الإعلان قد تم إنهاء التعاقد مع المخرج الذي قام بتنفيذه بعد أن فشل في تحقيق الرؤية التي وعد بها.. و أن الشركة المنتجة قررت الاستعانة بشركة للمؤثرات البصرية VFX شهيرة بإيجادها لحلول لوزعية لمثل هذه المشاكل.. و لكن هذه الشركة المعروفة ذات الصيت الجامد أوي قد فشلت هي الأخرى في حل هذه المعضلة.. و لولا ستر ربك كان الإعلان "خيش" منهم.
تكرر الموقف ذاته و أنا في جلسة عائلية حين بدأ أحد الأقارب المغالاة -على سبيل المجاملة- في امتداح مشروع أشارك فيه بينما تسأل زوجته عما إذا كانت "البطلة هتعيش ولا هتموت" و أنا لا أعلم كيف أخبرها إن المؤلف نفسه ميعرفش هي هتعيش ولا هتموت!.. ابتسم ثم أتركهم و أدخل إلى البلكونة كل خمس دقائق للرد على مكالمة تحمل كارثة تخص المشروع الذي كان يمدحه قريبي منذ أقل من دقيقة.. ثم أخرج و لسان حالي (آه لو تعرفوا اللي حاصل)
و على الجهة الأخرى.. الأمور ليست دائماً سيئة.. فهناك بعض المشاريع التي يحاول صناعها أن تخرج بأفضل صورة و يخوضون حروباً أنت لا تعلم عنها أي شيء محترمين عقليتك يا أيها السيد المتلقي ثم تمطرهم (يا نفس ذات السيد المتلقي) بأبشع الألفاظ متهماً إياهم بالتكاسل و الكروتة.
القصد يا عزيزي ليس منعك من أن تبدي رأيك في أي منتج تشاهده.. سواء بالسلب أو بالإيجاب.. أنت براحتك يا ريس.. فهذا المُنتَج يهدف إلى نيل إعجابك في المقام الأول و الأخير.. ولكن لا تنزلق ولا تغالي لا بالمديح ولا بالشتيمة.. عشان أنت متعرفش حاجة.. و عشان إحنا على الله حكايتنا.
Comments
Post a Comment